الخميس، 9 مايو 2013

عيد الربيع .. عيد لكل المصريين


 بقلم : جيهــــان السنبـــاطى
بعيدا عن الواقع الذى يعيشه المصريين , والاحداث التى تتوالى بين عنف وتخريب وإحتجاجات وإعتصامات وأزمات وغلاء فاحش للأسعار وإنفلات أمنى عقب ثورة يناير أى منذ أكثر من عامين , وهوالواقع الذى يحمل بين طياته حالة من الألم والحزن والحسرة على ثورة تتهاوى أهدافها  وتختفى ملامحها , وشهداء إرتوت ذرات رمال أرض الوطن بدمائهم , وصراعات على كراسى السلطلة , وفتاوى لبث الفرقة بين طوائف المجتمع , ومحاولات لتفجير حالة من الانقسام الطائفى بين مسلمى وأقباط مصر , وجدال بشأن جواز تهنئة المسلمين لجيرانهم المسيحيين بعيد القيامة , وسط كل هذا نجد أن المصريين مازالوا  يتمسكون برباط حب الوطن الذى يربطهم ببعضهم البعض وحب المشاركة فى الفرح والحزن بين جميع طوائف المجتمع , ومازالوا يحتفظون بالعلاقات الطيبة بينهم بل ويسعون لإنمائها , وينتهزون أى فرصه أو مناسبة تشعرهم بالفرحة والسعادة فتجدهم يتشاركون فرحة الأعياد فيهنئون بعضهم البعض , لافرق بين مسلم ومسيحى , كلهم أبناء وطن واحد , يعشقون ترابه , ولقد رأينا ذلك جليا فى إحتفالات عيد شم النسيم يوم الإثنين الماضى حيث خرج المصريون مسلمون ومسيحيون للتنزه فى الحدائق والملاهى والمراكب بنهر النيل للإحتفال بعيد تعود جذوره إلى القدماء المصريين , وتناولوا الرنجة والأسماك المملحة والبصل الأخضر والخس والبيض الملون على الطريقة الفرعونية رغم التحذيرات الحكومية العديدة التى تحذر من خطورة تناوله بكميات كبيرة غير مهتمين بما يقال بأنه عيد قبطى لايصح لمسلم الإحتفال به وأنه بدعة وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة فى النار .
فلماذا لاننحى التعصب الدينى جانبا والجدال حول هذا عيدنا وهذا عيدهم , وننظر فقط الى عيد شم النسيم على أنه بداية شهر رائع هو فصل الربيع حيث تتفتح الزهور ويعتدل الطقس وتتزين الحدائق والمتنزهات فيه باللون الأخضر , ودعونا نحترم تاريخنا القديم ونحافظ عليه , ودعونا نحتفظ بذكرياتنا المرتبطة بهذا العيد , ففى ذاكرة كل منا ذكريات جميلة ترتبط بعيد الربيع أو مانسميه عيد شم النسيم .
فعن نفسى فإن عيد الربيع عندى لايبدأ سوى بسماعى لصوت سندريللا الشاشة المصرية الفنانه سعاد حسنى وهى تغنى أغنيتها الجميلة "الدنيا ربيع والجو بديع، قفلي على كل المواضيع، مفيناش كاني ومافيناش ماني، كان ماني ايه، ده الدنيا ربيع" وضحكتها التى تبعث الأمل والفرحة والنشاط فى نفوس من يسمعها , وكانت أمى تحرص على إتباع بعض العادات التى توراثتها عن أمها وجدتها  وخاصة تكحيل العيون ليلة شم النسيم إيمانا منها بأنها تساعد على نقاء وجمال العيون طوال أيام العام وتحميها من الأمراض , كما كانت تحرص على أن أستيقظ من نومى فى هذا اليوم مبكرة حتى يبتعد عنى الكسل طوال العام , وكانت تهتم بكل تفاصيل هذا اليوم فكانت تهتم بإعداد  البيض المسلوق وتجهيز الالوان الطبيعية التى سيتم بها تلوين البيض , وكانت تحرص على أن نقوم بتلويين البيض بأنفسنا , وبعد أن ننتهى من تلوين البيض تبدأ بهجة العيد فنرتدى أجمل ثيابنا ونخرج الى أى مكان مفتوح كالحدائق والمتنزهات أو الى الاهرامات ومعنا البيض الملون والبالونات لتناول وجبة الإفطار فى الهواء الطلق والاستمتاع بجمال وسحر الطبيعة , فنلهو ونلعب أنا وأخوتى وأصدقائى وجيرانى مسلمين وأقباط نحتفل سويا بنفس البهجة لاأحد يهتم سوى بأنه عيد لكل المصريين , ثم نعود الى المنزل لتناول وجبة الغذاء والتى تتكون من الرنجة والفسيخ والبصل والخس والملانة , وبعدها تقدم لنا أمى الترمس والحمص المملح والمشروبات الغازية , ونقضى اليوم فى صحبة الأهل والأقارب ولاتنقطع المحادثات والضحكات عن منزل العائله طوال اليوم .
كم هى ذكريات جميله محفورة فى أذهاننا منذ طفولتنا وحتى الأن , وكم هو جميلا أن نسعد بصحبة من نحبهم فنشاركهم أحزانهم وأفراحهم , وكم هو أروع أن يكون الدين لله والوطن للجميع , فدعونا نستمتع بما وهبه الله لنا كشعب مصرى من سماحة وطيبة وخفة ظل , ودعونا نقول بقلب صافى لكل المصريين كل عام وانتم بخير , وكل عيد ربيع وأنتم مثل الورود فى جنانها , وكل عام وانتم فى وحدة وحب ووئام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق